الحريري في موسكو ومواقف روسية وفرنسية اليوم من المحكمة
الحملات تملأ المراوحة في هدنة العيدين
صفير: العدالة عدالة ويجب أن تأخذ مجراها
مع أن جانبا من السجالات التي تلت الخطاب الاخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله ولا سيما منها تلك المتصلة بتجدد الهجمات الكلامية على الرئيس فؤاد السنيورة والردود عليها، استمر أمس بوتيرة حادة، بدا مجمل الازمة السياسية في دائرة الجمود والمراوحة مع دخول البلاد عطلة مديدة الى ما بعد ذكرى الاستقلال الاثنين المقبل.
واستبعدت مصادر وزارية بارزة ان تشهد المهلة السياسية التي فرضتها عطلة الاضحى ومن بعدها عطلة الاستقلال أي تطور ملموس في معالجة المأزق الذي انتهت اليه الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء الاسبوع الماضي في ملف "شهود الزور" ما لم تتضح واقعيا طبيعة الرهانات المتجددة على الجهود السورية والسعودية. ومع أن المصادر أكدت لـ"النهار" ان ثمة نوعا من "الاحتكام" الواسع الى هذه الجهود وافساحا في المجال لفرصها في امكان اعادة البحث عن مخارج محتملة لتجاوز هذا المأزق، نبهت في الوقت عينه الى الاثر السلبي الذي خلفته حملة الاتهامات "الكبيرة والخطيرة" التي شنتها جهات في قوى 8 آذار في الايام الاخيرة مستعيدة المناخ التخويني حيال فريق رئيس الحكومة سعد الحريري والحكومة السابقة في مواضيع لا صلة لها حتى بالمحكمة الخاصة بلبنان. وتخوفت من ان يكون هدف هذه الجهات توسيع اطار المأزق الحكومي الذي تمثل في شل جلسات مجلس الوزراء تحت وطأة اشتراط حسم ملف "شهود الزور" أولا. وتساءلت عما سيكون الوضع الحكومي بعد هدنة الاضحى والاستقلال اذا لم تتمكن الجهود السورية والسعودية من التوصل الى حل.
وأضافت ان "تداعيات هذا الوضع لن تقتصر على تفاقم المأزق السياسي بل ستطاول مختلف الجوانب المتعلقة بقضايا الناس، إذ انه لم يعد خافيا على أحد ان أثر عملية التعطيل بدأ ينذر بانعكاسات جدية على عمل الحكومة مما يضع القوى السياسية امام مسؤولية مضاعفة للخروج من المأزق بسرعة قبل أن ينزلق الى مرحلة جديدة من الصراع.
وينتظر، وسط المراوحة الداخلية، ان تبرز في الساعات المقبلة مواقف دولية جديدة من الوضع في لبنان وملف المحكمة الخاصة بلبنان في ضوء الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري لموسكو اليوم وغدا، وكذلك في ضوء زيارة رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون لباريس حيث سيستقبله ظهر اليوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
إلى موسكو
وقد سافر وفد وزاري الى روسيا مساء امس للانضمام الى الحريري في زيارته الرسمية لموسكو والتي انتقل اليها ليلا من أبو ظبي. ويضم الوفد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، ووزير الدولة عدنان القصار، ووزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي، ووزير العدل ابرهيم نجار، ووزير الخارجية والمغتربين علي الشامي، ووزيرة المال ريا الحسن، ووزير الثقافة سليم وردة، والمستشار الديبلوماسي للحريري الوزير السابق محمد شطح.
ومن المقرر ان يلتقي الحريري مساء اليوم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، ثم يعقد اجتماع موسع بين الجانبين يليه عشاء يقيمه بوتين على شرف الحريري والوفد، كما ستكون لرئيس الحكومة نهاراً اجتماعات ابرزها مع الهيئة الفيديرالية للتعاون العسكري. وفهم ان الجانبين اللبناني والروسي سيوقعان عدداً من الاتفاقات في مجالات التعاون العسكري والعدلي والثقافي وسواها كما سيجري الاتفاق على تسلم لبنان هبة عسكرية روسية مقررة سابقاً وتتضمن عشر طوافات عسكرية متطورة. وسيلتقي الحريري غداً الرئيس الروسي دمتري ميدفيديف في الكرملين.
وتوقعت مصادر معنية ان تجدد القيادة الروسية موقفها الداعم للمحكمة الخاصة بلبنان وعملها غير المسيس وتشديدها على وجوب الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومضيها في دعم حكومة الرئيس الحريري.
أما بالنسبة الى زيارة العماد عون لباريس، فأفاد مراسل "النهار" في العاصمة الفرنسية سمير تويني انها تندرج في اطار المشاورات المباشرة التي تجريها الرئاسة الفرنسية مع مسؤولين وزعماء لبنانيين والتي بدأت بلقاء الرئيسين ساركوزي وميشال سليمان في مونترو الشهر الماضي ثم لقاء ساركوزي ورئيس مجلس النواب نبيه بري في باريس، وزيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لبيروت أخيراً عندما وجه دعوة الى الرئيس الحريري وكذلك الى الرئيس أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لزيارة باريس استكمالاً لهذه المشاورات، في اطار اعادة اطلاق الحوار بين مختلف الافرقاء اللبنانيين. وإذ لوحظ ان باريس وسعت اطار المشاورات مع القيادات المسيحية لعدم حصرها بطرف واحد، يتوقع ان يؤكد الرئيس الفرنسي لدى استقباله عون اليوم تأييد فرنسا للمحكمة الخاصة بلبنان وتحذيرها من أي عمل يهدف الى التأثير عليها لانه لن يؤدي الى أي نتيجة ويهدد الاستقرار الداخلي للبنان.
صفير
وفي هذا الاطار برز على المستوى الداخلي أمس موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير شدد فيه على ضرورة ان "تأخذ العدالة مجراها". وقال في حديث الى "اذاعة صوت لبنان": "أصبح معروفاً أن هناك فريقاً يريد التخلص من المحكمة الدولية ولكن اذا أريد أن يوضع حد لما حدث في لبنان من اغتيالات وما سوى ذلك فيجب ان تأخذ هذه المحكمة مجراها وتكون فاعلة وترفع ميزان العدل والحق بحيث ينال كل مجرم جزاءه والا تستمر الاغتيالات ويستمر القلق ويرحل الناس عن لبنان".
وعن احتمال ان يثير القرار الظني للمحكمة تداعيات قال صفير: "ربما ولد بعض التداعيات، لكن العدالة عدالة ويجب أن تأخذ مجراها".
أما على صعيد المواقف السياسية، فأعرب رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد عن أمله في "أن تثمر المساعي نتائج ايجابية لنجنب لبنان محنة لا نعرف الى اين يصل مداها".
وحذر في الوقت عينه من "أن خياراتنا ستكون واضحة وحاسمة وحازمة اذا ما أخطأ الآخرون التقدير... نأمل في ألا يقعوا في هذا الخطأ الكبير... وحذار الغدر بمسيرتنا أو الطعن في ظهرنا فاننا قادرون على أن نرد الطعنة بما هو أوجع منها وأكثر إيلاماً".
وفي المقابل، رد عضو "كتلة المستقبل" النائب عمار حوري على الحملة التي يتعرض لها الرئيس السنيورة قائلاً: "ان من محن هذا الزمن الرديء ان يصبح فيه المقتول قاتلاً والوطني خائناً والعروبي عميلاً والصابر المصابر متهماً". وتساءل: "لماذا يحاولون تزوير التاريخ الذي ما زال ماثلاً امام اللبنانيين؟ سألناهم أين محاضركم التي تزعمون فهربوا من الجواب". وأضاف: "ان اسلوب هدر الدم والكرامات الذي لا يزالون يمارسونه يتحملون مسؤوليته بالكامل، واننا نحملهم مسؤولية أي ضرر يقع بالرئيس فؤاد السنيورة".